تخرج نزار سنة 1945 من كلية الحقوق في جامعة دمشق, ثم التحق بوزارة الخارجية السورية, وانتقل في العام ذاته الى القاهرة موظفا دبلوماسيا في السفارة السورية. وكان عمره انذاك 22 عاما, وكانت القاهرة في ذروة نضجها الثقافي والصحافي والاذاعي, وكان نزار يحمل في جعبته ديوان شعر جديد اسمه خارج عن المألوف في عالم الكتاب وهو "طفولة نهد". وكانت صياغته الشعرية غير مألوفة أيضا في ذلك الزمانقدم نزار الديوان لثلاثة من نجوم الفكر والصحافة والنقد, هم : توفيق الحكيم, وكامل الشناوي, وأنور المعداوي, الذي تحمس للشاعر الشاب, فكتب مقالا نقديا عن الديوان وحمله الى أحمد حسن الزيات, صاحب مجلة "الرسالة" المصرية. ولما كانت "الرسالة" كجلة محافظة, نشر الزيات نقد المعداوي, لكن بعد أن غير عنوان الديوان من "طفولة نهد" الى "طفولة نهر", فقال نزار تعليقا على هذا: "وبذلك أرضى (حسن الزيات) صديقه الناقد أنور المعداوي وأرضى قراء الرسالة المحافظين, الذين تخيفهم كلمة النهد وتزلزل وقارهم, ولكنه ذبح اسم كتابي الجميل من الوريد الى الوريد
وهكذا شهدت القاهرة ميلاد شاعر انطلق في بيئة تحفل بطه حسين, وعباس محمود العقاد, وعبد القادر المازني, وعبد العزيز البشري, وأحمد أمين, وبشر فارس, ودريني خشبة, وأحمد حسن الزيات, ومصطفى صادق الرافعي, ومحمود حسن اسماعيل, وبيرم التونسي, وابراهيم ناجي, ونجيب محفوظ, ويحيى حقي, وعزيز أباظة
وهكذا تعود على مصر وتعودت مصر عليه وصارت تعتبره واحدا من شعرائها أو من أولادها. لكن حياة الدبلوماسيين لا تستقر بهم, فانتقل نزار الى العمل في عدة عواصم بعد القاهرة, منها: أنقرة ولندن ومدريد وبكين وبيروت وظل نزار يعمل في الخارجية السورية أكثر من 20 عاما, حتى استقال منها عام 1966, وأسس دارا للنشر باسمه في بيروت, متفرغا بذلك لقراره الوحيد, وهوالشعر